السبت، 4 فبراير 2012

~ "[ ساعة فخر وألم ,,, وليست كأي ساعة في حياتي ,,, ~



دخل على المحاضرة متأخراً وهذه ليست بعادته ,,, ظننا أن أمراً أعاقه عن الحضور , فهو إما أن يحضر بالموعد تماماً أو لا يحضر أبداً ,,,

وبعد دقائق من الأنتظار , دخل وكعادته بخطوات ثابتة وواثقة , جلس على الكرسـي , وحيا الحضور , واعتذر على تأخـره غير المعتاد ,
وبأبتسامة تعلو محياه طمأن قلوبنا جراء ما حدث من توتر بسبب تأخيره ,,,


نعم فهذا ما عودنا عليه من أحترام للوقت ولكل لحظة تمض في حياتنا ,,, طبعاً بجانب مبادئ كثيرة غير أهمية الوقت نماها في قلوبنا
وذكرنا بأهمية المحافظة عليها ,,,

أسـتقر الوضع في المحاضرة ,,, أرتـدى النظارات , وظننا أننا سنكـمل ما بدأنا فيه المحاضرة السابقة ,,, إذ بـه يدخل لمـنحى ليس له
عـلاقة بالمـادة ,,, فقد بلـغنا بخـبر أنه سينتقل للتدريس في جامعة أخرى بدءاً من الفصـل الدراسي القادم ,,, وهـو يتلـو علينا هـذا
الخـبر ونحن كمـن صب على رأسـه ماء بارد , لم نسـتطع التفـكير بعـدها وكأن عقولنا تجمد التفكير فيها ,,, لم يتكلم أحد تقديراً له ,,,
نسمع بكل هدوء لكلامه ننصت لها بكل تركيز لأننا على ثقة تامة أننا لن نسمعها مرة أخرى ,,,
 
بلغـنا بهذا الخـبر بشكل سريع , وبدأ بالـمادة فـوراً لكن بعـد ما أكتسـى الأسـى والوحـدة قلوبنا لمجرد تخيل إنه لن يكون موجود بيننا
فـي أخـر أيـام دراسـتنا ,,, بـدأ الـمادة ولم تمـضي 10 دقائـق , والجـو هـادئ لا يتخـلله إلا صـوته القـوي النبرة ,,, نظـر إلى وجوهنا
الـعابسة والجـامدة مـن تأثير الخـبر ,,, أبتسـم قائلاً , أصدقوني القـول يا أبنائي , هل ستشـتاقون لي , لأني أشـك بهذا ,,, وضـحك
مـداعباً مشـاعرنا الحـزينة ,,, وبدأ ينادي بالأسـم على بعـض الطـلاب ويسألـهم هذا السـؤال : [ هل أنـت فـرح يا عـدي أم حـزين ,
وأنـت يا أحـمد أكيـد طاقـة الفـرج أنفـتحت لديـك الأن , أمـا أنـت يا رهان سترتاحين من تعـليقاتي عـليكي ... ] ,,, يسأل ويجيب بكل
دعـابة , والوجـوه ما زالـت مكتئبة , ولا أحـد يسـتجيب كـلامه مـوافقاً , كيـف ذلك وقـد رسـخ فـينا الأساسـات , ولـم يدلنا عليه فقط
بـل أمسـك بأيـدينا وأرشـدنا لمـكانها , نعـم أعتـرف أنـه كان قاسـياً وشـديد في بعـض الأحيـان , ولكـنه كان من غرز الثقة في قلوبنا
وأشـعرنا أنـنا مـلوك هـذا الزمـان وبيـدنا الحـلول لكـل شـيء , لم يناديـنا يا طـالبـ \ ـة كـذا , بـل نـادنـا يـا أخـصائيـين ويـا أستـشاريين
ويـا محـلليـن ,,, وانتـم وأنتـم وأنتـم , وستكـونون وستـكونون وستكـونون ,,, " إذا وضعـتم لكـم هـدف في هـذه الحـياة " ,,, كـانـت
هـذه الجـملة بـداية لتـوصيات وافـكار أثـر أن يـورثـنا أيـاهـا قـبل رحـيله عـنا ,,, بـدأ كعـادته بلهجة قاسية وعنيفة ينبهنا فيها على كل
شيء مر وسيمر في حياتنا ,,, كان أكثر كلامه يكسوه الأنتقاد , والقليل منه يمدحنا فيه ,,,

وأصدقكم القول , إذا ذكر أسم أحد طلابه حتى لو كان ينتقده , فهو في صميم الحديث يمدحه ويقدره ويدفعه للامام ,,,

بـدأ منـادياً بأسماء الـبعض , يذكـر مواطـن القـوى ومـواطن الضـعف كأنه عاش وقتاً مع كل من ذكره ويتبع كلامه بنصح يطري القلوب
ويـدفع أصـحابها للأمـام ,,, ذكـر الاول والثانـي والثـالث وبعـضهم لا يأخـذ معـنا هـذه المـحـاضرة , فـحـقـاً يا لـه من شـرف لـهـم ,,,
وأنـا أستـمع لـه ,, وكـم كـنت أتـمنى أن يـذكر أسـمي فقـط ذكـر الكـرام , فقـط ذكر ليس إلا , فلا أطمع بغير ذلك , ولما لا أريد ذلك
وهـو الـذي تتلـمذ علـى يـد العالـم " سكنر " أحـد اعـلام عـلم النفس , فـي مقر المـدرسة الـسلوكية في أمريكا وهو أحد تلامذته
المتـميزين والـذي أبـى إلا أن يحـفر أسمـه بـجانب أسـماء مـن درس عـلى أيديـهم من عـلماء عـلم النفـس , فـيـا لـه مـن فـخر أن
يذكرني ويا له من شرف ,,,

وأنـا علـى حالـي من غـبطي لـمن ذكـر أسـماؤهم , إذ بـه يـذكـر أسـمـي , وهـو لا يعـلـم وجـودي بـالمـحاضـرة ,,, ويـقـول مـثـل
فلانة " ذكر أسمي بالكامل وبالعائلة أيضاً ,,, ^^" ,,, " ,,, وأصدقكم القول أن بعض كلامـه الـمـوجه لـي كـان مضـمونـه الأنـتـقـاد ,
وأسـفه عـلى عـدم أهتـمامـي بمـهـاراتـي التـي يراهـا متـميزة ولها بريقـها وأهميـتها وما سـأكون عليه لو أتخلى عن الخطأ الذي
أقـوم بـه , والله أنـه علم مـا الخـطأ فـي خطـة دراسـتي , وحـدده بالضـبط وبالأسـم ,,, وبعد حديثه , تذكر أنني أخذ هذه المحاضرة
مـعـه ,,, هـو لا يعـلم وجـهي لأننـي أرتـدي الحـجاب الـكامل , وهـذا الفصل مهملة كثيرة من ناحـية الـحضور , فـله الحـق أن يشك
بوجـودي عنـده فـي هـذه المـادة , وبـعد الأنتـهاء من الحـديث عني , سـأل : هل فلانة هنا ,,, رفعت يدي بالتأكيد على حضوري ,,,
وأنا لا أتفوه بـكلمـة ,,, نظـر لي بعـيون الأب مـعاتـباً ,,, أكـمل حـديثـه مـع الـجمـيع ,,, ولـم يـذكر أثـناء حـديثه مـن بدايته إلى نهايته
إلا أسماء 5 طلاب ولم يتجاوزو الـ 5 ,,, آهٍ فيا له من فخر ,,,

أنتـهى حـديثه بأنتهاء الـمحاضـرة ,,, تـوجهـت إليـه مسـرعة قـبل خـروجه مـن القـاعة أنـا وبعـض الطلبة ,,, راجيين منه أن يعدل عن
قـراره , مستـعطفيـن قلـبه أن يبـقى معـنا ,,, نظـر إليـنا بعـيون الأسـى وكـانت كـافية بالـرد بالعـجز عن قـبول طـلبنا ,,, فوثقنا منها
أنـه لـن يعـدل عـن رأيـه , بيـن الأسـباب لنـا وأقنعـنا , وألتمـسنا لـه العـذر مجـبرين , قلـنا مـا يجـول فـي وجـدانـنـا لـه ,,, شـكـرنـاه
ووعدناه بما يتمنى ان نكون عليه " علماء يقف لنا الجميع أحتراماً لما نحن عليه من أهمية , فنحن الأساس " ,,,

خرجنا وخرج أمامنا , ونحن نصغي لوقعات خطواته , كأننا نعد اللحظات المتبقية التي سنقضيها معه خلال هذا الفصل الدراسي ,,,

والله لقـد مـدحنـي الكثـير وأثـنوا علـي , وبعـضهم جالسـوني جلسـة واحدة ,,, فما بال الذي جالسني سنين ,, وكانوا من جميع
الطبـقات الثقافية " طـالـب , طـالبـة , معـلمـة , دكتور او دكتورة , صديقـة , أخ أو أخـت , أو مـار بالـطريـق " ,,, لا أقـول مـا عـاذ الله
أن مـديـحـهم لا يعتبر شيء بالنسبة لي , ولـكـن لـم أسـنـد ظهـري بـالكـامـل عـلى ثنـائـهم , ليس بغرور , لكن ليس أي شخص
يلفت أنتباهي بكلامه أو أفعاله إلا القلائل , والذي كتبت لأجله هذه الكلمات اليوم هو منهم بل أولهم ,,,

فلك يا والدي الثاني يا " أ . د . يوسف أبو حميدان " كل الشكر والتقدير على ما منحته لي خلال سنوات دراستي ,,, وأعتذر منك
وللعلم وقبل الجميع لرب العالمين ما أظهرته من تقصير ,,, وسأستمر حتى النهاية ,,, عهداً ووعداً مني أسأل عليه يوم القيامة ,,,


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق