قِصّةٌ قَدْ هَرَبْتّ مِنّهْاْ نِهَاْيَتُهَاْ
استيقظت صباحاً على صوت شريط ذكرياتي , وبكل هدوء توجهت إلى مكتبي الخشبي , الملقى
عليه دفتر يومياتي العتيق ,,, جعلت أقلب بصفحاته صفحة صفحة , ليواجهني بعض الصفحات الممزقة
بسبب الألم والمعاناة , والبعض التي تم إلصاقها بسبب صدق المحبة ,,, وتارة أضحك بشوق ,,,
وتارة أبكي بصمت ...
.
.
.
ذكريات نثرتها في صفحات أيامي , لتشهد وتكتب قصة لحياتي , لكن كانت قصة قد هربت منها
نهايتها ...
.
.
.
كان الفصل خريفاً يعبق منه رائحة الرحيل والوداع الأخير , لكن كان قدرنا اللقاء حينها ...
.
.
.
تلاقينا هناك , تحت أشجار السرو الهرمة , على ذاك الكرسي الحديدي الصدأ , فوق تل نُقش على
ظهره أقدام من خطا عليه وقلبه ملأه صدق المحبة لمن رافقه الطريق ...
.
.
.
لم نجعل لحياء اللقاء الأول موضعاً بيننا , بل جعلنا عفوية وصدق حديث قلوبنا تتحدث قبل ألسنتنا
, كأننا نعرف بعضنا منذ أمد بعيد ...
.
.
.
كان كل منا تائه في دروب هذه الحياة محجوزين في دهاليزها المظلمة , وجمعنا القدر ليوحد دربنا ,
لكن كنا غافلين أنه سيأتي يوم سيفرقنا كما جمعنا , لكن بفارق بسيط أننا لن نعود لتلك الدهاليز
بعد أن أنار كل منا طريق الأخر ...
.
.
.
ثلاث سنون ملأتها الأفراح والأتراح ,,, همسات ... ضحكات ... همهمات ... مشاغبات ... وتراتيل
فتيات داعبت مجالسنا ...
.
.
.
ليأتي مجلس يتعطل فيه لغة الكلام , صمت ساد المكان , وحرارة العناق تلتهب ولكن أبيت العناق
حتى لا أحترق بنار الشوق فوق حرقتي وعذابي ,,,
.
.
.
أشباح الوداع تجتاح مكان اللقاء , أراها هناك من على شرفتي المنسية , وأنا أرتشف قهوتي
المرة بكل هدوء وصمت واستسلام ,,, وكل رشفة تحمل ذكرى , وكل ذكرى تبعث رعشة
في أوصالي ...
.
.
.
وهنا في حجرتي المسكونة بذكريات الأحبة الراحلين , وفنجاني المتكأ على مكتبي الخشبي ,
ودفتري العتيق الملقى على الأرضية المتهالكة ,,, ألطقته بكل كسل لأخط أحرف النهاية ,,,
ولكن قلمي أبى ذلك , اختار العصيان على أن يسجل أحرف قد تحرقنا بقسوتها ,,,
فأصبحت بالرغم منا قصة وداع قد هربت منها نهايتها ,,,
.
.
.ويأتي المساء لأستلقي وأنام مرة أخرى على صوت شريط ذكرياتي ...
............................................................................ بقلم : أم عبد الرحمن
.
.
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق